يعتبر فرط نشاط الغدة الدرقية من الأمراض الشائعة ويُعد مرضاً مزمناً يعاني منه العديد من الأشخاص، يتعلق حدوث هذه الحالة بعدة عوامل منها الوراثي أو المناعي أو غيرها.
أولاً يجب أن نعلم أن الغدة الدرقية تقع في القسم الأمامي من الرقبة فوق عظم الترقوة، وتفرز نوعين من الهرمونات هما التيروكسين (T4) وثلاثي يود التيرونين (T3).
تتحكم هذه الغدة بعملية التمثيل الغذائي والتي تتضمن مدى حرق السعرات الحرارية والاستفادة منها في الجسم، مثل سرعة ضربات القلب وحركة الامعاء وحرارة الجسم وغيرها.
ماهو فرط نشاط الغدة الدرقية؟ وماهي أعراضه؟ وما أسباب حدوثه؟ كيف يتم تشخيصه وعلاجه؟ لمعرفة الإجابة عن هذه الأسئلة تابعوا معنا.
ماهو فرط نشاط الغدة الدرقية وما هي أعراضه
يعني زيادة في إنتاج وإفراز هرمونات الغدة الدرقية، مما يؤدي إلى تسريع عملية التمثيل الغذائي وما ينتج عنها من زيادة في استهلاك الطاقة وزيادة في مجمل عمليات الجسم كافة.
لابد من الإشارة إلى أنّه بدايةً قد يشعر الشخص بزيادة في النشاط نتيجة زيادة عمل الغدة الدرقية، ولكن لاحقاً سينعكس ذلك إلى تعب وانهيار جسدي عام ما لم يتم العلاج.
ومن زاوية أخرى فإنه يمكن لبعض الأدوية أن تخفي علامات فرط نشاط الدرق، مثل استعمال حاصرات بيتا لعلاج ارتفاع ضغط الدم والتي قد تؤخر تشخيص الإصابة.
طالع هنا قصور نشاط الغدة الدرقية
يجب التنويه إلى أن فرط نشاط الدرق هو من الأمراض المزمنة والتي تأخذ فترة طويلة لتتطور أعراضها.
وتتضمن الأعراض الأكثر شيوعاً مايلي:
- رجفان اليدين والأصابع.
- تقلب في المزاج واضطرابات في النوم.
- اضطراب الدورة الطمثية.
- عدم تحمل الجو الحار.
- نقص الوزن.
- زيادة معدل ضربات القلب أو عدم انتظامها.
- ترقق في الجلد وشعر ناعم وهش.
لابد من الإشارة إلى أن الأشخاص المتقدمين في السن قد تكون الأعراض لديهم طفيفة، مثل زيادة معدل ضربات القلب أو زيادة الحساسية للجو الحار أو الشعور بمزيد من التعب بعد الأنشطة اليومية المعتادة.
وعلى العكس من ذلك نجد أن الأعراض قد تظهر فجأة في حال إصابة الصغار في السن.
ما هي أسباب فرط نشاط الغدة الدرقية
تجدر الإشارة إلى أن السبب الأكثر شيوعا لفرط نشاط الغدة الدرقية هو السبب المناعي، والذي يدعى بداء غريفز.
لتوضيح ذلك، يحدث اضطراب في مناعة الجسم حيث ينتج الجسم أضداداً تتجه للغدة الدرقية وترتبط معها، فتؤدي بذلك إلى تحفيز إنتاج وإفراز هرمونات الدرق بشكل غير مضبوط.
يحدث داء غريفز عند الإناث تحت سن الأربعين، ويميل أيضا للانتشار بشكل وراثي ضمن العائلة الواحدة.
تشمل بقية الأسباب مايلي:
- فرط نشاط الغدة الدرقية السمي متعدد العقيدات: أو مايدعى “بداء بلامر“، وهو أكثر شيوعاً عند كبار السن ويحدث فيه زيادة في تكاثر النسيج الدرقي، وتشكيل عقد تساهم في زيادة فعالية الدرق.
- التهاب الغدة الدرقية: تتضمن حدوث زيادة في حجم الغدة الدرقية وما يتبعه من فرط في نشاط الدرق، ثم يليه حدوث قصور بها، وأخيراً تتعافى الغدة الدرقية بعد ذلك. تجدر الإشارة إلى أن الالتهاب قد يحدث بعد الحمل أو بسبب عدوى فيروسية أو بسبب تناول العديد من أدوية الدرق.
جحوظ العينين في سياق داء غريفز
قد يسبب داء غريفز لدى حوالي 30% من المرضى جحوظ في العينين، ويتضمن ذلك ضخامة العضلات والنسج المحيطة بالعين وإحداث تأثير واضح على الرؤية.
وتشمل الأعراض العينية مايلي:
- انتفاخ في العينين وزيادة الحساسية تجاه الضوء.
- حدوث ازدواج في الرؤية أو العمى.
- انتباج الأجفان أو تراجعها للخلف.
- الشعور بألم أو ضغط داخل العينين.
إضافة لذلك قد تحدث حالة نادرة تدعى باعتلال الجلد، وتؤدي لزيادة في سماكة واحمرار الجلد في الجزء العلوي من الأقدام.
تشخيص فرط نشاط الغدة الدرقية
أولاً، يتم إجراء فحص سريري لبناء التقييم المبدئي للغدة الدرقية، ويتضمن:
- البحث عن ضخامة في العنق، والتي تشير إلى ضخامة في الغدة الدرقية.
- قياس عدد ضربات القلب.
- ملاحظة وجود رجفان في اليدين.
- الانتباه إلى رطوبة الجلد.
ثم يتم إجراء الاختبارات الأكثر دقة لإثبات التشخيص وتشمل:
- قياس مستوى الهرمونات في الدم: يجرى قياس مستوى الهرمونات الدرقية في الدم، وقياس مستوى الهرمون المحفز للغدة الدرقية أو مايدعى ب (TSH).
- التصوير الومضاني للغدة الدرقية: يتم حقن اليود المشع للمريض وبعدها تقوم الغدة الدرقية بامتصاص هذا اليود. ثم يجرى تصوير خاص والذي يظهر مدى قبط الغدة لليود المشع ويكشف عن وجود عقيدات درقية أو غيرها من المشاكل.
- استعمال الامواج فوق الصوتية (الإيكو): تستعمل هذه الأمواج لإنشاء صور عن الغدة الدرقية وللكشف عن أي تغيرات بها.
تصفح أيضا: حب الشباب أسبابه وعلاجه
علاج فرط نشاط الدرق
لابد من الإشارة إلى أن علاج فرط نشاط الغدة الدرقية يتخذ بناء على عدة معايير، وتشمل:
تحديد العمر والحالة الصحية العامة للمريض، ونوع فرط نشاط الغدة الدرقية ومستوى شدته.
وتتضمن الخيارات العلاجية مايلي:
- الأدوية المضادة للغدة الدرقية: يستعمل البروبيل ثيوراسيل والميثيمازول في كبح الإنتاج الزائد من هرمونات الغدة الدرقية. وننوه أن هذه الأدوية تحتاج لعدة أسابيع كي تعطي نتائج ملحوظة. وجدير بالذكر أنها يمكن ان تسبب آثار جانبية هامة مثل حدوث رد فعل تحسسي في الجسم لدى 30% من المرضى، أو قد تسبب نقص حاد في عدد خلايا الدم البيضاء أو مايدعى “بنقص المحببات” وهذا قد يجعل الشخص عرضة للإصابة بعدوى من الميكروبات.
- حاصرات بيتا: إن استعمال حاصرات بيتا لا يعالج المشكلة الأساسية وهو فرط نشاط الغدة الدرقية، إنما تعمل على التخفيف من الأعراض الناجمة عن ذلك مثل الخفقان أو الرجفان في اليدين أوالشعور بالقلق. إضافة إلى ماسبق فقد تسبب هذه الأدوية آثاراً جانبية تشمل الشعور بالدوار والصداع في الرأس، واضطراب عمل الجهاز الهضمي.
- العلاج باليود المشع: يستعمل للأشخاص المتقدمين في السن. ويتم فيه ابتلاع كمية صغيرة من اليود المشع والتي تذهب للغدة الدرقية فتقوم بامتصاصها، ومع مرور الوقت يحدث انخفاض في حجم الغدة وانخفاض في الإنتاج الهرموني. يأخذ هذا العلاج حوالي ل 3_6 أشهر كي تظهر نتائجه، وقد نحتاج إلى تكرار إجرائه مرة ثانية. وتجدر الإشارة إلى أنه قد يسبب استعمال هذا العلاج حدوث قصور في الغدة الدرقية كأحد الآثار الجانبية، وعندها يجب تناول مكمل هرموني.
- الجراحة: في حال فشل العلاج الدوائي يتم اللجوء إلى الجراحة بإزالة كامل الغدة الدرقية أو جزء منها، هذا مايدعى باستئصال الغدة الدرقية ولابد من التنويه إلى أنه يجب تناول الأدوية المضادة للدرق قبل إجراء الجراحة لمنع تطور مضاعفات لاحقاً، وقد تسبب المعالجه الجراحية أحيانا إزالة جزء من الغدد جارات الدرق وعندها يجب إعطاء دواء للحفاظ على مستويات الكالسيوم في الجسم.
إلى هنا نصل إلى ختام مقالنا حول فرط نشاط الغدة الدرقية وأعراضه وعلاجه، متمنّين لكم دوام الصحة والعافية.